برنامج “مهارات” لإعداد الشباب للعمل وما بعده
لطالما فضلت الطالبة الأردنية رنيم الجاعوني العمل بالأرقام. فبعد أن نشأت في المملكة العربية السعودية، انجذبت رنيم إلى الموضوعات الرقمية، و دفعها هذا الاهتمام إلى الحصول على شهادة في المحاسبة من جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا في عمان بالأردن.
فعلى الصعيد المهني، انجذبت رنيم إلى مجال الأعمال، لذا سرها أن تتضمن دراستها في السنة النهائية دورة تدريبية تحت عنوان “مهارات في الأعمال التجارية”. و هي وحدة دراسية كجزء من برنامج “مهارات” الأوسع نطاقا لتدريب الطلاب استعدادا لعملهم المستقبلي و لمساعدتهم أيضا على بدء أعمالهم التجارية الخاصة.
يعد الأردن مكانًا مثاليًا لبرنامج “مهارات” لسد الفجوة الموجودة حاليًا بين متطلبات صاحب العمل وقدرات الطلاب. فبالرغم أن 63٪ من الأردنيين تحت سن ال30 و أن معدل معرفة القراءة والكتابة لدى الشباب 99٪ ، و هو ما يجعل الشباب في الأردن ، مثل رنيم ، يمثلون إمكانات مذهلة في المنطقة إلا أن 40٪ من أصحاب العمل في القطاع الخاص الرسمي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعتبرون نقص المهارات عقبة رئيسية أمام تشغيل و نمو الشركات.
يعالج برنامج “مهارات” هذه التحديات بما يتماشى مع أهداف المبادرة المتوسطية للتوظيف للمساعدة في زيادة قابلية التوظيف للشباب والنساء، و لسد الفجوة بين العرض والطلب على العمالة، وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال و لتنمية القطاع الخاص في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
كما يسهم البرنامج بشكل مباشر في التوفيق بين العرض والطلب على العمالة عن طريق دعم مهارات التوظيف و تشغيل الشباب ، فضلا عن تشجيع روح المبادرة لديهم وتقديم التوجيه لهم لاختيار المسار الوظيفي الصحيح.
فبعد حصولها هذا العام على شهادة في المحاسبة حيث كانت الأولى على دفعتها، تجري رنيم الآن مقابلات لشغل أول وظيفة لها بعد التخرج. واستذكارًا لتدريبها على التحضير للمقابلة كجزء من دورة مهارات ، قالت: “لقد رأينا كيف يمكننا تحسين إجاباتنا ، أو كيف سيتم طرح سؤال ، وماذا نتوقع ، وما لا نتوقعه, أتذكرها الآن في مقابلاتي [الحقيقية] “.
و بعد أن اجتازت الدورة في خريف عام 2019 ، تمكنت رنيم من تطبيق ما تعلمته مباشرة من البداية ، خاصة فيما يتعلق بالمهارات المهنية العملية ، مثل العرض والاستماع النشط وإدارة الوقت والعمل الجماعي.
و قد تم دعوة رنيم للتحدث بصفتها الطالبة الأولى على دفعتها بعد أن أكملت الدورة في فبراير 2020، و قالت: “كان علي أن أقدم أمام جميع زملائي وأساتذتي وعميد كليتي و جمهور ضخم … ما تعلمته من البرنامج و أن ينعكس حقًا في العرض التقديمي”.
وفيما يتعلق بالتدريب نفسه ، تتذكر رنيم “كان علينا إعداد العرض التقديمي الخاص بنا … لإظهار [أفضل] مهارات العرض لدينا ، وكلما كان هناك شيء غير جيد، كان يخبرنا مدربنا كيف يمكننا إصلاحه وتحسين أنفسنا “.
على وجه التحديد ، ذكرت رنيم كيف ساعدها التركيز على الطريقة التي يتعين الوقوف و التحرك و التحدث بها أثناء التقديم و ما يشمله ذلك من حركة الأيدي و من تواصل بصري وما إلى ذلك. و كان اهتمام رنيم بهذا المستوى من التفاصيل أثر على تحسين خطابها بشكل كبير ، إلى درجة أنها قالت أن هذه المهارات مرغوبة و “جميلة أن يمتلكها شخص”.
و بجانب المهارات العملية، يتضمن برنامج “مهارات” أيضًا تدريبًا سلوكيًا لتشجيع الثقة والتواصل بين الطلاب المشاركين .
و تعليقا على المهارات الإنسانية التي يكسبها البرنامج، ذكرت رنيم أنه “بغض النظر عن سوق العمل ، تطرح هذه الدورة مواقف الحياة الواقعية، و كيفية إدارة وقتك و التعامل مع الضغوط وما إلى ذلك…دورات أخرى لا تعلمنا هذا! “.
علاوة على ذلك ، فإن هيكل هذه الدورة التدريبية يسهم في تنمية منظور أوسع حيث يتم خلط مجموعات الطلاب بالفصول المختلفة للسماح لأفراد مختلفين بالالتقاء والتعلم من بعضهم البعض. و بالنسبة لرنيم ، كانت هذه التجربة رائعة ، لأنها سمحت لها بتكوين صداقات من أقسام أخرى لم تكن لتلتقي بها لولا ذلك. و رأت رنيم و زملائها في الفصل أن البرنامج حسن بالفعل مهاراتهم الاجتماعية.
و خارج الفصل الدراسي ، الركيزة الأساسية الأخرى لبرنامج “مهارات” هي إشراك الطلاب في العمل الاجتماعي والمجتمعي. و تطوّعت رنيم خلال دراستها ضمن مجموعة لتوزيع الاحتياجات الأساسية على العائلات الفقيرة في منطقتها. حيث قالت عن هذه التجربة ، وهي أول عمل خيري لها “فتحت قلبي بصدق كثيرًا وجعلتني أرى الجزء الآخر من العالم … لقد كانت تجربة رائعة.” من خلال تشجيع الطلاب على العمل التطوعي كجزء من دراستهم ، فإن برنامج مهارات يغرز حقًا روح الحيلة والإحسان في الشباب الأردني – وبذلك يساعد على تنمية جيل جديد من المهنيين ورجال الأعمال ذوي التفكير المجتمعي.
بعد النجاح الرائع الذي حققه “مهارات” في المدارس المهنية الأردنية وكليات المجتمع والجامعات، تم إطلاق البرنامج في مصر والمغرب وفلسطين ، مما ساعد الشباب المميزين على دخول عالم العمل بإيجابية و هم على دراية جيدة بالأمور، و واثقين من أنفسهم.
فمنذ بداية عام 2020 ، تم تنظيم 27 جلسة توعوية بالمهارات لـ 5400 طالب في الجامعات حول عدة مواضيع مثل ريادة الأعمال و روح المبادرة ، ومهارات العرض و إدارة الوقت والذكاء العاطفي.
متطلعة للمستقبل ، تأمل رنيم في مواصلة دراستها في المجال المالي من خلال الحصول على شهادة المحلل المالي المعتمد CFA أو المحاسب القانوني المعتمد CPA وهي تجري حاليًا مقابلات لوظائف في المالية. فبعد تجربتها في مساعدة العائلات الفقيرة كجزء من دورة برنامج “مهارات”، لا زالت رنيم تُمارس العمل التطوعي من خلال المنظمات الخيرية في عمان و المناطق المحيطة وتؤمن بشدة بأهمية المجتمع ككل.
على المستوى الشخصي، توجهت رنيم بالشكر للقائمين على برنامج “مهارات” لتمكينها من “الشعور باختلاف شديد حيث قالت:” أرى الفرق, إنها نفسي الداخلية التي تغيرت… [أخذ دورة مهارات] عزز ثقتي ، واحترامي لذاتي ، وحتى ذكائي العاطفي “.
و بالتفكير فيما يخبئه المستقبل، تشعر رنيم بالرضا عن تجاربها حتى الآن و تعرب عن امتنانها لهذه الدورة التي دربتها على المواقف المهنية الحقيقية و الاستعداد لمسيرتها المهنية المستقبلية، مؤكدة انه بالنسبة لها ، فإن دورة “مهارات” مهمة “للجميع ، و لكل الأعمار” ، وهي بمثابة “رسالة تجسد أهداف لهذا الجيل و من يتبعهم”.
المزيد من المعلومات:
يهدف مشروع مهارات ميد، الذي أطلقه مركز تطوير الأعمال (BDC) في الأردن، تماشيا مع المبادرة المتوسطية للتشغيل (ميد جوبز 4)، لتشجيع مشاريع التوظيف على عدة مستويات في الأردن وفلسطين ومصر والمغرب. و هي مبادرة رائدة للاتحاد من أجل المتوسط للمساعدة على زيادة فرص العمل للشباب والنساء ، وسد الفجوة بين العرض والطلب على العمالة ، وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال وتنمية القطاع الخاص. كما أن ميد جوبز 4 التي طورتها أمانة الاتحاد من أجل المتوسط ، هي نتاج تعاون مشترك بين القطاعات في ظل الحاجة لمبادرة إقليمية متكاملة لاستحداث فرص العمل.