
المرأة هي الحاضر: “انستاديب” InstaDeep أوعندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والإبداع
إن شركة “انستاديب” InstaDeep التونسية التي تقودها النساء هي قصة نجاح حقيقية. تم شراؤها مؤخرًا من قبل شركة التكنولوجيا الحيوية العالمية “بيونتيك” BioNTech في صفقة تاريخية تعد الأكبر في قطاع الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، بقيمة قياسية قدرها 408 مليون يورو.
زهرة سليم كانت لديها الشجاعة للبدء في مجال تفتقر فيه للخبرة، قبل أن تبرع فيه.وتعد المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للموقع الالكتروني في “انستاديب”، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي. حتى قبل أن تدخل التاريخ في قطاع الذكاء الاصطناعي، استطاعات الشركة الناشئة “انستاديب” التأثير بالفعل على مجتمع التكنولوجيا الحديثة في خضم جائحة كوفيد-19. فبينما كان معظمنا منشغل بتطبيق القيود الصحية الخاصة بكل متحور جديد لفيروس كوفيد-19، اشتركت “انستاديب” و”بيونتيك” في بناء نظام إنذار مبكر للمتغيرات الخطرة.
قبل ثلاثة أيام من تحذير منظمة الصحة العالمية للعالم من ظهور متغير جديد لكوفيد شديد العدوى يسمى “أوميكرون” Omicron، أبلغ الذكاء الاصطناعي لمؤسسة “انستاديب” بوجود ذلك المتحور. في ذلك الوقت، تم اكتشاف أكثر من 10.000 تسلسل متغير جديد كل أسبوع وببساطة لم يتمكن الخبراء البشريون من التعامل مع بيانات بهذا القدرمن التعقيد، إلا أن الشركتين تمكنتا قبل نحو شهرين مقدما، من تحديد أكثر من 90٪ من المتغيرات قبل تصنيفها على أنها خطيرة، مما وفر وقتًا ثمينًا لتنبيه العالم.
بالعودة بالزمن إلى الوراء، يبدو أن قصة بداية”انستاديب” مأخوذة مباشرة من فيلم مستوحى من الحلم الأمريكي. زهرة سليم هي عصامية تمامًا ولديها معرفة عميقة بتكامل البرامج والأنظمة. فبعد قيادة فريق من المطورين في الهند، أنشأت زهرة “انستاديب” في عام 2014، جنبًا إلى جنب مع كريم بيجير- مهندس متخصص في التأثيرات الاجتماعية في تونس.
لم يكن من المفترض أن يلتقي زهرة وكريم، ولكن كما هو الحال في كثير من الأحيان، كان للقدر رأي أخر. ففي سنوات 2010، كان كريم يبحث عن مطور ويب لمساعدته على الترويج للجمعية التي أسسها في تطاوين بتونس، والتي جمعت بين الرياضة والترميز الحاسوبي للشباب. وبدأت القصة بعد أن تعرف كريم و زهرة على بعضهما عن طريق صديق مشترك.
ويروي كريم وزهرة كيف بدأت شركتهما بجهازي كمبيوتر محمول، و برأس ماله قدره 2000 دولار والكثير من الحماس لمساعدة العالم. وسرعان ما نمت “انستاديب” من شركة ناشئة غير مستقرة في مدينة تطاوين الصحراوية – المدينة التونسية التي كانت بمثابة الموقع (والإلهام) للكوكب الأصلي لشخصية Luke Skywalker في فيلم “حرب الكواكب”-إلى قوة لا يستهان بها في مجتمع الذكاء الاصطناعي.
في عام 2014، كانت زهرة وشريكها يقدمان خدمات مختلفة للعملاء كإنشاء المواقع الالكترونية وتصميم المنشورات الدعائية وتطوير التطبيقات. وتعلق زهرة على ذلك قائلة: “كنا نحاول فقط البقاء على قيد الحياة”. اليوم، نظرًا لتنامي أهمية الذكاء الاصطناعي في حياتنا، تركز “انستاديب” على تسخير هذه التكنولوجيا لخدمة الجميع. فمن خلال عملهما، ابتكرت زهرة وكريم أنظمة اتخاذ القرار لحل مشاكل الحياة الواقعية: وتتنوع هذه الخدمات من تمكين شركة شحن كبيرة من نقل آلاف الحاويات بكفاءة إلى محطة سكة حديد، إلى استحداث علاجات متقدمة باستخدام السيليكون ومكونات التوجيه على لوحة الدوائر المطبوعة.
ومن ناحية أخرى، تتقن زهرة لغات عديدة بشكل مثير للإعجاب- فبإمكانها التواصل مع فريقها متعدد الثقافات باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية – إذ انها عاشت في 4 دول قبل أن تبلغ 18 عامًا، مما أعطاها رؤيتها الفريدة للناس والثقافات. هل من قبيل المصادفة أن مؤسسي “انستاديب” اليوم يؤكدان أن تنوع فريقهما هو أكبر نقاط قوتهما؟ مع زملائه من جنوب إفريقيا ونيجيريا وصولاً إلى باريس ولندن ودبي، يعتقد كريم أن “[التنوع] كان حقًا مفتاحًا لقصة نجاحه.

As part of the Day of the Mediterranean’s celebrations, Zohra Slim shared with us which human sense connects her the most to the Mediterranean.
قد يكون العالم كبيرًا، ولكن الارتقاء بالمواهب الأفريقية والمتوسطية في مجال التكنولوجيا مهمة قريبة جدًا من قلب زهرة. فهي، على سبيل المثال، تفتخر بشدة بالقول إن 55٪ من الباحثين العلميين في تونس من النساء، وهو معدل يتعين الالتفات إليه في البلدان الأوروبية. كما تعد من أشد المؤمنين بالإمكانيات الإبداعية لمنطقة المتوسط وشعوبها: “لدينا الكثير من الشباب المتحمسين والمليئين بالأحلام [في منطقةالمتوسط]. وهؤلاء الشباب أنفسهم، في غضون 10 سنوات، سيقودون مسيرة التكنولوجيا والابتكار والإبداع. لهذا السبب، في منطقتنا التي زودت العالم بالنبيذ وزيت الزيتون، علينا حماية الإبداع وتمكينه “.
وتعبر زهرة عن انزعاجها حقًا حينما يقوم شخص ما بالعمل، ثم يُنسب الفضل إلى شخص من بلد آخر. بصفتها الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، والتي يقودها مؤسسون أفارقة، تدرك “انستاديب” بشكل مباشر ما تستطيع المواهب الإفريقية والمتوسطية فعله حقًا. فمن خلال برنامج التوجيه الخاص بها، تستطيع توفير التدريب والوصول إلى بعض من أفضل المهنيين في هذا المجال، مما يتيح لقادة وخبراء الذكاء الاصطناعي في المستقبل الفرصة لمواكبة الصناعة سريعة التطور، ويضمن الاحتفاظ بالمواهب والخبرة الداخلية الكاملة. كما تشدد زهرة على ضرورة تشجيع النساء على التحرر من الحواجز التي يفرضها المجتمع والاستمرار في الضغط من أجل المساواة في الحقوق:
“أهم شيء هو منح النساء الثقة في قدرتهن على القيام بذلك. أقدم المشورة للكثير من الشركات الناشئة. أقول دائمًا يمكنكم القيام بذلك، إذا ركزتم عليه. تجاهلوا ما يقوله الآخرون لك. لقد جئت من خلفية تقليدية أرادت مني أن أصبح محامية أو مهندسة أو طبيبة “.
تمثل “انستاديب” اليوم قصة نجاح حقيقية. بعد أن استحوذت عليها شركة “بيونتيك” مؤخرًا، دخلت هذه الصفقة التاريخ باعتبارها الأكبر في قطاع الذكاء الاصطناعي الأفريقي، بمبلغ قياسي قدره 408 مليون يورو.
عندما يتذكر كريم بداياتهما، يعترف ضاحكًا أن طموحهما في ذلك الوقت كان أقرب إلى الخيال العلمي بالنسبة لمعظم الناس. وكان غالبا ما يسمع من الأصدقاء والزملاء السابقين أن هدف إنشاء شركة تقنية متطورة ناجحة تعتمد على المواهب الأفريقية، يستحيل بلوغه. وعلى الرغم من النجاح الهائل الذي تحقق لاحقًا، تتمسك زهرة وكريم بإبقاء أقدامهما على الأرض إدراكًا منهما بأن عدم اليقين يعد عنصرا أساسيا في عالم الشركات الناشئة وتشدد على أهمية الابتكار والإبداع للتغلب على التحديات. عندما سئل الطرفان عن النصيحة التي سيقدمانها لرواد الأعمال الشباب، فإن كلاهما له مقاربات مختلفة ولكنها متكاملة: حيث يقول كريم “كن شغوفًا وثق بنفسك” ، وتختتم زهرة بـ “تحلى بالصبر والمرونة“.
شاركت زهرة سليم في مبادرة رائدات الأعمال “Womenpreneur” التي يدعمها الاتحاد من أجل المتوسط وانخرطت بشكل خاص في الشق المتعلق بشبكة نساء المتوسط للتكنولوجيا. دعمت مبادرة “Womenpreneur“– التي تأسست عام 2016 وتتخذ من بروكسل مقراً لها-أكثر من 19 ألف امرأة في بلجيكا وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن أجل تعزيز مكانة المرأة في مشهد ريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار والمجتمع، تمزج هذه المبادرة بين جلسات الإرشاد وبرامج القيادة وفرص التواصل والتعليم الذي يركز على التكنولوجيا للوصول إلى الهدف.
لمعرفة المزيد عن “انستاديب”
إن إمكانات التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على الكوكب وحياة سكانه لا حصر لها. فعلى سبيل المثال، تعمل شركة زهرة أيضًا على قضية الأمن الغذائي. اشتركت “انستاديب” مع منصة جوجل السحابية (Google Cloud) في تدريب الجيل القادم من نماذج الذكاء الاصطناعي لعلم الجينوم النباتي من أجل الزراعة المستدامة، وخاصة محاصيل الحبوب والخضروات الصالحة للأكل. بناءً على النتائج المتوصل إليها، قررالجانبان تسجيل بيانات توضيحية لجينومات ثلاثة أنواع نباتية ذات أهمية كبيرة للعديد من البلدان النامية: الكسافا والبطاطا الحلوة واليام. تعمل مؤسسة زهرة وشركاؤها الآن على إتاحة هذه البيانات مجانًا للمجتمع العلمي وتأمل أن يتم استخدامها لتوجيه وتسريع الأبحاث الجديدة.
تعرف على المزيد حول عمل “انستاديب” على موقعها الالكتروني https://www.instadeep.com/.
لمعرفة المزيد عن الاتحاد من أجل المتوسط و جهود دعم مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والعامة
- اكتشف الأعمال التي يقوم بها قسم الشؤون الاجتماعية والمدنية.
• تعرف على المزيد حول البيانات الرائدة في هذا الموضوع، من خلال أول آلية رصد حكومية دولية على الإطلاق بشأن المساواة بين الجنسين في المنطقة الأورومتوسطية.