
جهود مركز ريادة الأعمال وتنمية القدرات التنفيذية لعبور أزمة كوفيد-19
وضعت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) العالم أمام تحديات جمة من جميع النواحي، كما شكّكت في قدرة الحكومات على حماية مواطنيها وقدرة المؤسسات الصحية المحلية والدولية على الحد من حالات العدوى والوفيات المتسارعة والتخفيف من حالة الرعب التي انتشرت على نطاق واسع. لقد تسبّبت جائحة كوفيد-19 في إغلاق الاقتصادات، وبلوغ حالة عدم اليقين ذروتها، والانخفاض الكبير في قدرة بعض الشركات والمؤسسات على الوفاء بوعودها. ومع ذلك، لم تتوقف قط دعوات الأمل الحثيثة من أجل تمكين هذه الشركات والمؤسسات من مضاعفة جهودها إلى ضعفين، بل إلى ثلاثة أضعاف، من أجل إثبات تفانيها تجاه قضيتها وعملائها، على الرغم من الأزمة الصحية الحالية. إن مركز ريادة الأعمال وتنمية القدرات التنفيذية (“سيد” – “CEED”) هو أحد المؤسسات التي وجدت في هذه الأزمة فرصًا عديدةً، حيث عمل بجد مع شبكة علاقاته بالكامل، والتي تضم رواد أعمال ومدربين ومتحدثين وموجهين مذهلين، ليس فقط من أجل تحقيق النتائج المستهدفة، بل أيضًا من أجل التحسين المستدام للعمليات والأدوات التي يستخدمها في عمله من أجل التكيف مع الواقع الجديد.
أطلق مركز “سيد” النسخة النسائية من برنامج المركز لبناء القدرات (“سيد-جرو” – CEED-Grow””)، وهو عبارة عن برنامج لبناء القدرات يركز على سيدات الأعمال في وسط الأزمة في المغرب وتونس، تحت اسم: “نحن ملهمات – رائدات الأعمال تلهمن الآخرين” (WE Inspire – Women Entrepreneurs Inspire). تم إطلاق البرنامج بالشراكة مع الاتحاد من أجل المتوسط وبدعم مالي من السفارة النرويجية. يتمثل الهدف العام من برنامج “نحن ملهمات” في تعزيز مهارات القيادة والإدارة وريادة الأعمال لدى المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء، من أجل تمكين هذه المشاريع من خلق فرص عمل والمساهمة بشكل إيجابي في الاقتصادات الوطنية. من خلال نموذج مركز “سيد” العابر للحدود، نحن ملتزمون بإتاحة الفرصة لرائدات الأعمال من تونس والمغرب من أجل التواصل مع رائدات الأعمال ذوات التفكير المماثل من مختلف الدول للتعرف على طرق مختلفة للتغلب على التحديات مع اكتشاف الفرص التجارية على الصعيد الدولي.
انطلق البرنامج في شهر فبراير، وبعد أسابيع قليلة من بدء الفريق في الإجراءات التحضيرية، أعلنت كل من السلطات المغربية والتونسية عن قيود صارمة استجابةً لجائحة كوفيد-19. بدأت فرق مركز “سيد” العمل من المنزل في أوائل شهر مارس، وسرعان ما تعاونت لوضع خطة طوارئ تسمح بالاستمرار السلس للأنشطة. فيما يلي الإجراءات الرئيسية التي نفّذها فريق مركز “سيد” في إطار الاستجابة لحالة الإغلاق:
- توسيع نطاق البرنامج من مجرد دعم النساء لتنمية مشاريعهن، إلى مساعدتهن على تجاوز أزمة كوفيد-19 وإبقاء شركاتهن على قيد الحياة من أجل الفئات الأكثر ضعفًا.
- إعادة تصميم أنشطة البرنامج من خلال تغييرها من الأنشطة التي تقتضي الحضور الشخصي إلى الأنشطة الافتراضية. تشمل الأنشطة تحديد المرشحين واختيارهم، وعقد الدورات التدريبية، ومطابقة العلاقات التوجيهية وتيسيرها، وتنظيم فعاليات التواصل وتكوين العلاقات.
لقد ساعدت الاستجابة السريعة لفرق مركز “سيد” لقيود الإغلاق على التنفيذ السلس للبرنامج وتحقيق جميع الأهداف بأفضل مما كان متوقع. خلال الفترة من فبراير إلى يونيو 2020، التحقت 110 سيدات مستفيدات بالبرنامج (مقابل الرقم المستهدف: 100)، كما تم تحديد 52 موجهًا (مقابل الرقم المستهدف: 50)، بالإضافة إلى عقد 14 ورشة تدريبية وتنظيم فعالية تواصل واحدة، دون أن يتسبّب ذلك في أيّ تأثير على الميزانية الإجمالية. علاوةً على ذلك، استطاعت فرق مركز “سيد” في المغرب وتونس وضع ممارسات وعمليات جديدة فيما يتعلق بتنفيذ الأنشطة بالوسائل الافتراضية، والتي تم مشاركتها مع شبكتنا العالمية من المراكز.
نتيجة التحول في تنفيذ جميع الأنشطة إلى الوسائل الافتراضية، أجرينا التعديلات التالية في تصميم البرنامج:
- بدلًا من تنفيذ البرنامج عن طريق مجموعتين من 25 سيدةً مستفيدةً في كل بلد للوصول إلى العدد المستهدف من السيدات المستفيدات، استخدمنا مجموعةً واحدةً من 50 سيدةً مستفيدةً في كل بلد، مما أتاح لكل سيدة مشاركة الاستفادة لمدة 8 أشهر من برنامج الدعم بدلًا من الشهور الأربعة المخطط لها في البداية.
- سمح لنا عقد الدورات التدريبية من خلال الوسائل الافتراضية باستضافة المزيد من السيدات المشاركات (على عكس عقد الدورات التدريبية بالحضور الشخصي، حيث تتسبّب الأماكن في الحد من عدد المشاركين). بدلًا من دعوة كل سيدة مشاركة من كل دولة لحضور 4 دورات تدريبية لكل مجموعة، تم دعوة كل سيدة مشاركة لحضور 8 دورات تدريبية.
- بدلًا من التركيز على السيدات المستفيدات في مدينة الدار البيضاء بالمغرب ومدينة تونس بتونس، استطعنا قبول مستفيدات من 11 مدينةً في المغرب و14 مدينةً في تونس.
لقد أتاحت التدريبات الافتراضية لنا إمكانية استضافة متحدثين ومدربين من دول مختلفة: المغرب وتونس وفرنسا وإيطاليا وسلوفينيا والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا والهند، كما سمح تنظيم فعاليات التواصل وتكوين العلاقات من خلال الوسائل الافتراضية لرائدات الأعمال المغربيات بالتواصل مع نظيراتهن التونسيات وتكوين علاقات معهن.
من خلال برنامج “نحن ملهمات”، أتاح مركز “سيد” للنساء الاستفادة من البرنامج عن بُعد مع الامتثال للقيود الحكومية وفي ظل حالة من الأمان التام. إذا كان هناك أيّ شيء قد أثبتته نسبة المشاركة المذهلة في البرنامج، فهذا الشيء لا يقتصر فقط على قدرة مركز “سيد” على تحقيق الازدهار في أوقات الشدة فقط، بل أثبتت بشكل خاص قدرة مركز “سيد” على إيجاد بدائل خلاقة للتغيرات غير المخطط لها وقدرة نساء البحر المتوسط على القيادة وإلهام الآخرين. إن قدرة فرق مركز “سيد” على التكيف مع التغيرات غير المرغوب فيها والعوامل الخارجة عن السيطرة قد مكّنتها من أن تصبح منارةً للأمل ومثالًا يُحتذى به، خاصةً من حيث التأثير الكبير الذي تكمنت هذه الفرق من إحداثه لرائدات الأعمال.
لا يزال البرنامج قيد التنفيذ، حيث سنواصل بكل فخر واعتزاز دعم رائدات الأعمال في المغرب وتونس لمساعدتهن على تجاوز الأزمة والحفاظ على عملهن وتنمية شركاتهن من خلال اغتنام الفرص التي تُولد من رحم الأزمة الحالية. نتطلع إلى مشاركة قصص النجاح وأفضل الممارسات في غضون أشهر قليلة!