30 أكتوبر 2025، برشلونة (إسبانيا) – يُعد الربط في قطاع النقل أمرًا بالغ الأهمية في الاقتصاد العالمي المعاصر، إذ يُمثل “شريان الحياة” للاقتصادات ويلعب دورًا أساسيًا في ربط المناطق وضمان التنقل الفعّال للأشخاص والبضائع. وبالنسبة للاقتصادات الساعية للحاق بركب النمو، يُعد تحسين الربط عاملًا جوهريًا لزيادة القدرة التنافسية وتعزيز التكامل الإقليمي وخفض تكاليف التجارة وتسريع الاندماج في سلاسل القيمة العالمية. كما يؤدي ارتفاع مستويات الربط في قطاع النقل إلى تحسين الوصول إلى فرص العمل والتعليم والصحة والخدمات العامة الأخرى، إلى جانب دعم الأنشطة السياحية، ما يرفع الإنتاجية ويعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لطالما شكّل البحر الأبيض المتوسط مفترق طرق تاريخي، ولا يزال يحتل موقعًا محوريًا في مواجهة التحديات العالمية اليوم. وقد أولى الاتحاد من أجل المتوسط منذ تأسيسه في عام 1995 أولوية للتكامل الإقليمي والترابط والتداخلات الإقليمية. وتم تعزيز هذا الالتزام بشكل كبير من خلال الإعلان الوزاري للنقل لعام 2023 وخطة العمل الإقليمية الجديدة للنقل في الاتحاد حتى عام 2027، واللذين حددا التزامات بتطوير بنية تحتية للنقل تكون مستدامة ومرنة وشاملة. ويشمل ذلك الإصلاحات التنظيمية وإنشاء شبكة النقل عبر المتوسط المستقبلية (TMN-T) التي ستتصل بشبكة النقل الأوروبية العابرة (TEN-T)، مع إمكانية التمدد نحو العمق الأفريقي والآسيوي.
رغم هذه الجهود، لا تزال هناك عقبات كبيرة في المنطقة. إذ تعاني البنية التحتية للنقل، وخاصة في جنوب وشرق المتوسط، من قصور أو عدم اكتمال، كما أن مستوى الاستثمار لا يفي بالاحتياجات المتزايدة. ويظل الربط في قطاع النقل بالمنطقة معتمدًا بشكل كبير على البنية التحتية للطرق، ما يبرز الحاجة إلى تنويع الشبكات من خلال دمج السكك الحديدية وخطوط النقل البحري. كما تؤثر الحواجز “غير المادية” مثل التأخيرات في الموانئ والمعابر الحدودية، والإجراءات الجمركية غير الفعّالة، ونقص المعايير الموحدة سلبًا على الأداء التجاري واللوجستي العالمي. ويواجه قطاع النقل أيضًا فجوة استثمارية ملحوظة، خاصة في دول جنوب وشرق المتوسط، حيث تعاني مشاريع تطوير البنية التحتية من نقص التمويل. ويواجه الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع النقل قيودًا تنظيمية في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رغم بعض الإصلاحات الأخيرة. علاوة على ذلك، يسهم قطاع النقل بشكل كبير في الانبعاثات العالمية، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى جهود لإزالة الكربون. وتظل المساواة بين الجنسين تحديًا في قطاع النقل، سواء بالنسبة للمستخدمين أو للمشاركين في القوى العاملة.
تُقر السياسات الأوروبية ذات البُعد الخارجي بالطبيعة الدولية لقطاع النقل ودوره المحوري في ربط الاتحاد الأوروبي بجيرانه، ما يسهم بشكل كبير في الازدهار الاقتصادي. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز أجندة النقل الخاصة به عالميًا، مستفيدًا من قوته التنظيمية والاقتصادية والفنية. وتبرز مبادرات مثل البوابة العالمية التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الدول الشريكة في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك توسيع شبكة TEN-T.
يهدف هذا المؤتمر الإقليمي إلى معالجة هذه التحديات وتعزيز نظام نقل أكثر تكاملًا وكفاءة واستدامة في المنطقة المتوسطية.