حول التكامل في المنطقة الأورومتوسطية
By the UfM Secretary General, Nasser Kamel.
Published in the EU Observer, Al Quds Al Arabi, Público, Al Massae, TSA, L’Orient Le Jour, Le Temps, Al Masry Al Youm, Ad-Dustour and Cinco Días.
أين يجب أن نركز انتباهنا بينما نسعى بحذر لتجاوز أسوأ آثار الوباء؟ تتسارع خطط التعافي بعد الجائحة ، و باتت عبارة “إعادة البناء بشكل أفضل” تستخدم حاليا على نحو واسع.
و حتى لا تصبح مجرد شعار ، علينا أن نكون واضحين بشأن الجوهر وراء هذه الكلمات. إن القبضة المحكمة التي فرضها الفيروس على حركتنا مسألة تدعو إلى التفكير. فقد سلطت المعركة العالمية ضد كوفيد-19 الضوء على حدود قدرة المجتمع الدولي على تنسيق استجابة لبعض الأزمات والتحديات الأخرى التي تواجه عالمنا اليوم. سلاسل الإمداد التي حظت بالدعم سلفا لم تكن قادرة على التكيف مع القيود. إن الاعتماد على مصادر الإنتاج البعيدة جعلنا معرضين لأي نقص وغير مجهزين للاستجابة بشكل مناسب. كما أن الهجرة الدائرية التي ازدهرت بها بعض الصناعات تكاد تكون توقفت.
يؤكد الاتحاد من أجل المتوسط منذ فترة طويلة على الحاجة لتعزيز التعاون الإقليمي والتكامل في منطقة المتوسط ، على النحو الموضح في خارطة طريق العمل التي تبناها في عام 2017. و لذا فإن نشر التقرير المرحلي الأول عن التكامل الإقليمي الأورومتوسطي جاء في الوقت المناسب.
و يركز التقرير-الذي أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بطلب من الاتحاد من أجل المتوسط- على خمسة مجالات للتكامل الإقليمي – التجارة ، والمالية ، والبنية التحتية ، وحركة الأفراد ، والبحث والتعليم العالي.
و يعرض النتائج الرئيسية ، والمؤشرات الواضحة التي يجب اتباعها من أجل التقدم المستقبلي ، و كذا التوصيات السياساتية لكل مجال من هذه المجالات. و يتضمن البيانات التي تسمح باستخلاص بعض الاستنتاجات القاسية. النبأ السار هو أن التكامل ينمو في المنطقة و لكن ببطء ولا يزال أقل من إمكاناته من حيث القدرات والموارد.
و يفسر ذلك جزئيا التكامل غير المتكافئ داخل وعبر المناطق دون الإقليمية. لا يزال الاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن أكثر من 95٪ من صادرات البضائع الداخلية في المنطقة و 93٪ من صادرات البضائع الخارجية. و يشترك في غالبية التبادلات المالية في المنطقة دولة عضو واحدة على الأقل في الاتحاد الأوروبي ، ويتسم معظم التعاون العلمي في المنطقة بالتفاعلات بين الشمال والجنوب مع وجود استثناءات بين الجنوب والجنوب.
في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، ربما كانت الاتفاقيات التجارية داخل المنطقة الأورومتوسطية ضيقة النطاق للغاية وتفتقر إلى القناعة التي تقود الآن طموحاتنا للتنمية المستدامة لمجتمعاتنا. وركزت الاتفاقيات بشكل أساسي على خفض الرسوم الجمركية على السلع المصنعة دون أن يشمل ذلك تجارة الخدمات. و كانت فرصة ضائعة ، إذ تمثل تجارة الخدمات 25٪ من تدفقات التجارة العالمية اليوم.
هناك تحديان مهمان آخران يواجهان التكامل الإقليمي وهما البنية التحتية غير المناسبة في مجال النقل و ربط الطاقة ، و الافتقار إلى رؤية مشتركة للتنقل البشري كمحرك للابتكار والنمو في المنطقة.
و بالفعل، قدر البنك الدولي في عام 2020 أنه على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة ، ستحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى استثمار أكثر من 7٪ من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي في صيانة وإنشاء البنية التحتية ؛ في حين أن محطات الطاقة الشمسية المركزة في المنطقة يمكن أن تولد 100 ضعف الاستهلاك المشترك للكهرباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا معًا. على الرغم من إحراز بعض التقدم لتسهيل التنقل البشري في المنطقة ، إلا أن المزيد من التعاون مثل تبسيط متطلبات الحصول على التأشيرة من ِشأنه أن يمكّن البلدان من الاستفادة الكاملة من إمكانيات الأشكال المختلفة للتنقل ، مثل السياحة وتبادل الطلاب والباحثين.
بجانب هذه الأولويات ، يجب ألا نغفل أهمية الرقمنة ، والفرص التي تتيحها للتعاون الإقليمي. يعمل التحول الرقمي على تغيير الإنتاج العالمي والتجارة والاستثمار الأجنبي ، ويوفر المزيد من الطرق للتعاون والمشاركة الفعلية في العلوم والتعليم.
بجانب تحسين التجارة الإلكترونية, تتيح الرقمنة خفض تكلفة التحويلات المالية – وهي جزء مهم من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من اقتصادات جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط .
في عام 2017 ، أفادت الدراسات بأن 8٪ فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان لها وجود على الإنترنت وبأن 1.5٪ فقط من تجار التجزئة في المنطقة كانوا متصلين بالإنترنت.
بينما نتعافى , علينا اغتنام الفرصة لإنشاء مجتمعات شاملة جديدة تضمن للشباب والنساء الفرصة للاستفادة من إمكانياتهم كعناصر للتنمية ومساهمين في اقتصاد المنطقة ككل. إن التكامل الإقليمي محل اهتمام مشترك للجميع ولكي نرى تغييرًا ملحوظا ، علينا أن نبدأ في إظهار ما نعنيه حقًا من إعادة البناء بشكل أفضل. و كما هو الحال دائمًا ، في الاتحاد من أجل المتوسط ، نعتقد أن التعاون الأكثر التزامًا هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا
Nasser Kamel
Nasser Kamel is the Secretary General of the Union for the Mediterranean.