لا تزال المرأة في منطقة البحر المتوسط تواجه تحديات في أن تصبح مستقلة على المستوى الاقتصادي والمهني. وهذا أحد الأسباب التي يدفع المرأة العصامية إلى تشجيع أقرانها من الفلسطينيات على الدفاع عن بعضهن البعض. “النساء شركاء لبعضهن البعض، ومن خلال هذه الشراكة والتعاون وتبادل الثقافة والخبرات، يمكننا أن نسعى إلى تحقيق أهداف مرموقة وأن نصل إلى الريادة في صناعة الأزياء وعالم الأعمال“. تجد السيدة/ نورا خليفة في فريقها والمصممات من حولها إلهامًا ودعمًا لها، فتقول: “إنني أتخذ كل النساء والمصممات قدوةً لي، وكل شخص يمكن أن يصبح قدوة في مجالٍ محدد، وأرى أن كل امرأة لديها شيء يمكنني أن أتعلمه منها“. في عام 2017، استفادت رائدة الأعمال الفلسطينية من البرنامج المدعوم من الاتحاد من أجل المتوسط المسمى “تعزيز تمكين المرأة في التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا“. وهذه البرامج من شأنها أن تعوض بعض النقص في فرص عمل المرأة في المنطقة.
تنطبق فكرة الدفاع عن بعضنا البعض وأن يُلهم بعضنا بعضًا على دول البحر المتوسط أيضًا: “فالبحر المتوسط يعد بوابة عظيمة تفيض بالحكايات والتجارب التي تستحق المشاهدة، كما أن تأثير المجتمعات القريبة من بعضها البعض أكبر من تأثير المجتمعات الأخرى البعيدة عن بعضها جغرافيًا“. ولا يتركز عمل السيدة/ نورا خليفة على مشاركة القصص على الأقمشة وعبر الأجيال فقط، بل من خلال البلدان المختلفة أيضًا، إذ تستخدم المصممة في التصميم موادًا من دول مجاورة وتصدرها إلى الولايات المتحدة والأردن. في عام 2017، عرضت السيدة/ نورا خليفة أعمالها في باريس لأول مرة، وهو ما يُعد احتفاءً برائدة أعمال في مجال الموضة، وتقول عن ذلك: “كنتُ أصغر مصمم هناك، وكان الجميع أكبر مني سنًا وأكثر خبرة، إلا أن ما أسعدني حقًا أن تُعرض الأزياء الفلسطينية في باريس، لقد كان شيئًا جميلًا“.
تواجه السيدة/ نورا خليفة التحديات مرةً تلو الأخرى بدءًا من الترويج للتراث الفلسطيني، مرورًا بالتصدي لتقاليد المجتمع وتمكين المرأة، دون أن تكل أو تمل أبدًا، حيث تشارك المصممة بانتظام في ورش العمل والمنتديات التي تتحدث فيها عن تجربتها وشغفها كرائدة أعمال في منطقة الشرق الأوسط.
“إن التراث الفلسطيني يدفعني بشدة نحو مراقبته باستمرار والإحساس به. وكلما رأيته وأمعنت النظر في الألوان والتطريز والتفاصيل ونسيج البروكار، زادت رغبتي في الدراسة والاستكشاف والاطلاع على المزيد منه“. ويُشرق وجه السيدة/ نورا خليفة عندما تتحدث عن شغفها، ذاك الشغف الذي نجحت في أن تحوله إلى مهنتها. وذاع صيت المصممة بأنها تجعل الماضي والحاضر يلتقيان ويتفاعلان في إبداعاتها التطريزية، حيث تلتقي الحرفية التاريخية بالتصاميم والأقمشة العصرية والأصلية. “ما أفعله هو إعادة تدوير لنسيج البروكار والمطرزات التاريخية وأعيد سرد القصص والحكايات المرتبطة بالزي الفلسطيني. ويقص كل تطريز علينا حكاية ورموز ودلالات تجسد الهوية الاجتماعية للشعب الفلسطيني “.
في فلسطين، غالبًا ما يُنظر إلى صنعة “التطريز” أو التطريز بالغُرز المتقاطعة على أنها ممارسة عفا عليها الزمن. لكنّ سيدة الأعمال تراها كنزًا وطنيًا خفيًا. “كان والدي من محبي التراث، وكان يبيع التحف والأشياء القديمة، وكان من بينها هذه القطع التطريزية. وكانت تلفت نظري إليها على وجه الخصوص دائمًا، فهي مثل اللوحات التي استغرقت وقتًا وجهدًا كبيرين وإعمالًا للفكر لتصميمها“. وفي بلد متأثر بالصراعات والصعوبات الاقتصادية والتوترات السياسية، قررت المصممة الشابة التركيز على التنوع والجمال التي تقدمه. لقد عانى قطاع الأزياء والمنسوجات الفلسطيني من الإهمال وأعمل حاليًا على إعادة إحياء إلى هذا القطاع من خلال إعادة سرد قصص السابقين فيه. وعملي هو أنني أنسج وأصمم قطعًا أنيقة من الماضي العريق لربطها بمستقبل مشرق “.
إن هدف السيدة/ نورا خليفة ليس مجرد تعزيز واستعادة تقاليد بلدها، بل تسعى نحو تمكين النساء من منطقتها اقتصاديًا وشخصيًا. “المجتمع المحلي هو المكان الذي يجب أن يركز المرء استثماره فيه، فلا بُد أن يعُم نفعك على مجتمعك. وتعمل أكثر من ثمانين حرفيّة فلسطينية في بيت الأزياء الخاص بي، بما له تأثير اجتماعي واقتصادي قوي على حياتهن“. ومما تفتخر به المصممة هو أن ترى النساء الماهرات يعملن وعلى استعداد لنقل مهاراتهن القيمة في الحياكة إلى الأجيال الشابة من المصممات.