وبهدف إعادة إحياء العملية، يتعين علينا النظر في التحديات المستقبلية التي تواجهنا جميعًا:
يجب ألا نتجنب خوض النقاشات الصعبة، مثل الهجرة، والتي يتعين أن تتم بطريقة آمنة وإنسانية وقانونية. إنه تحد يتطلب منا استعدادًا حقيقيًا لمواجهة التعقيدات المتوقعة بطريقة شاملة ومشتركة وحاسمة، وإيجاد الحلول لجميع الأبعاد المتعددة.
يجب ألا ننسى في نقاشاتنا الشباب والأجيال المقبلة الذين يجب أن نمنحهم الأمل في أفق مزدهر ومليء بالفرص، لأنهم يمثلون المستقبل فيما يتعلق بتقدمنا.
وباختصار، فلنعمل على جعل الاتحاد من أجل المتوسط أكثر عدلاً، وأكثر اخضراراً، وأكثر رقمنةً، وأكثر تكاملاً من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحينها يمكن للاتحاد أن يسد الفجوات التي يمكن أن تتسع بشكل أكبر نتيجة للجائحة إذا لم نعقد العزم ونتحد لمعالجة العواقب الاجتماعية والاقتصادية والصحية الخطيرة لفيروس كورونا.
لقد شرعنا قبل 25 عامًا -في برشلونة -في جعل حوض البحر المتوسط مركزًا وملتقى للحوار والتجارة والتعاون المتبادل، في إطار تعاوني يضمن توافر العناصر التي يستحيل دونها التقدم والتطور، مثل السلام والاستقرار والازدهار لشعوبنا. وهذا هو ما تم النص عليه في مقدمة إعلان المؤتمر الذي أطلق عملية برشلونة، وهي العملية التي توَّد إسبانيا تجديدها، بدعم والتزام من جميع الدول الأعضاء.
لأنه إنْ كان هناك شيء واحد بينته لنا السنوات الماضية واضحًا جليًا، فهو أننا أقوى معًا.
يشرفني أن أعلن ختام المنتدى الإقليمي للبحر المتوسط في الذكرى الخامسة والعشرين للمؤتمر الذي نشأت عنه عملية برشلونة في عام 1995، أثناء رئاسة إسبانيا للاتحاد الأوروبي. وقد سلط المؤتمر الضوء على التزام إسبانيا تجاه البحر المتوسط، كما رمز إلى اتجاه الإرادة السياسية إلى التعاون.
لقد أصابتنا جائحة فيروس كورونا بشدة -وخاصة الموجة الأولى منها -وسيستغرق التعافي من عواقبها الوخيمة وقتًا طويلًا، حتى ونحن بصدد مواجهة الموجات التالية من الجائحة والتصدي لها. يجب أن نتوخى الحذر عندما نقول إن وصول اللقاح قد يمثل الضوء الذي يظهر في نهاية النفق.
صحيح أن قربنا الجغرافي قد انقطع، حيث أجبرتنا الجائحة على تعليق السفر جواً وبحراً، وحاصرتنا، وفصلتنا عن بعضنا البعض، وإن كان ذلك بشكل مؤقت، وأجبرتنا على تقييد الحركة. لكن الجائحة كانت أيضًا بمثابة تذكير مهم بمدى ضعفنا نحن البشر في مواجهة الشدائد، فضلاً عن أهمية وجود جبهة موحدة قوية.
حيث يهاجم فيروس كورونا ويضرب دون أن يسألنا أين ولدنا أو ما نؤمن به، فهو لا يهتم ولا ينظر إلى الحدود أو النوع الاجتماعي أو الأيديولوجيات. وإلى جانب هذا الفيروس، هناك جوائح أخرى تصيب الأرض: منها الإرهاب والتفاوت الاجتماعي والحرب والتغير الطارئ على المناخ.
ولهذا السبب، فنحن بحاجة لاستعادة الطموحات التي ينص عليها القانون رقم (1195). كان الهدف في هذا الوقت هو الارتقاء بفكرة المنتدى الدولي إلى إنشاء مساحة مشتركة للسلام والأمن، أي باختصار، منطقة ازدهار مشترك وتعاون اجتماعي وثقافي وبشري أكبر.
والآن، بعد مضي 25 عامًا، إذا كانت هناك رغبة واحدة مشتركة -بالإضافة إلى الآمال المعقودة منذ عام 1995 -فستكون هي الرغبة في المضي قدمًا. جميعنا معًا، متحدين، متشابكي الأيدي، لنتغلب على هذه الجائحة كوحدة واحدة، ونعالج عواقب هذه الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية، ونبني مستقبلنا.
يمكننا اليوم أن نرسي الأسس لمستقبل الاتحاد من أجل المتوسط: دعونا نوسع نطاق عمله لتحديد وتطوير مبادرات تعاونية صلبة وملموسة. ولنفعل ذلك من خلال خطة عمل تحويلية تمتد على مدار السنوات الخمس والعشرين القادمة.
لنفعل ذلك برؤية بعيدة المدى للمستقبل، تقوم على التحول البيئي -والذي يجب أن يكون عادلاً -وعلى أساس الاستدامة، وعلى أساس الرقمنة -والتي يجب أن تكون شاملة -وعلى أساس المساواة الجنسانية والدفاع المطلق عن حقوق الإنسان، وعلى أساس التماسك والترابط الإقليمي.
فلنمنحها الزخم السياسي اللازم لتحفيز جميع الجهود والمبادرات التي تعمل باتجاه تحقيق التعاون والتكامل الأورو-متوسطي.
في مساحة مثل المنتدى الإقليمي للاتحاد من أجل المتوسط، والتي يمكننا التحدث من خلالها بصراحة واحترام وبطريقة بناءة، يمكننا إيجاد حلول للأزمات والتوترات التي لا تزال قائمة في منطقتنا. إنني أشير هنا تحديدًا إلى التغلب على الصراعات مثل تلك الموجودة في سوريا وليبيا، وكذلك التنشيط اللازم لعملية السلام في الشرق الأوسط، والتي يجب أن تكون في صميم جهودنا.