لطالما ارتبط حسين فهمي ارتباطًا عميقًا طوال حياته بهويته وجذوره في مصر، وهي البلد الذي نشأت فيه أجيال كاملة من أجداده، ويقول حسين عن ذلك: “هويتي مصرية بالتأكيد، فأبي وأمي مصريان، وآبائهما مصريون، وأجدادهما كذلك مصريون… جميع أفراد عائلتي مصريون“. وتُعَد أهمية عائلة حسين فهمي وتعليمه محسوسة بعمق في شخصيته، حيث يفخر بها قائلًا: “نشأنا في منزل مليء بالمودة والحب والاهتمام والرغبة في تنشئة أطفال مؤهلين. كان والدايَّ يملكان عدة موسوعات في المنزل، وكلما طرحت سؤالًا كانت الإجابة عليه متاحة في الموسوعة“. وحيث انخرط من قبله أجيال من الرجال في السياسة المصرية، يشير حسين فهمي إلى ذلك بكونه الأصل في اهتمامه بالموضوعات السياسية التي تراها تنعكس في أفلامه: “عشت في منزل متخم بالسياسة. ففي سن العاشرة كان والدايَّ يجلسانني بينهم، وكنت أستمع إلى ما يتحدثون عنه، ومن ثم كنت أستمع إلى ما يحدث حولنا في العالم. لطالما شعرت بأن الحياة التي نشأت في قلبها هي حياة تنبض بالنشاط، وهي الحياة التي ساهمت بالتأكيد في تكوين شخصيتي وتطويرها“.
ويبدو أن طفولته وتربيته –التي يصفها بأنها ليبرالية وفكرية –قد ساهمت في صياغة شخصيته. وسرعان ما ازدادت وتيرة أسفار نجم السينما المصري، من الرحلات العائلية لأوروبا إلى رحلات الترويج للأفلام حول العالم، وهو ما زاد هذا النجم والمخرج وعيًا وإدراكاً لقوة الإنسانية، حيث أصبح هدفه أن يثبت لجمهوره أن القدوم من بلدان مختلفة لا يعني أن الناس لا يستطيعون التعايش معًا في سلام.
بعدعقودمنالعملفيالمجال،لايبدوأنالممثلوالمخرجمستعدًاللتقاعد،علىالرغممنأنالحصولعلىأدو
ارجديدةومثيرةقديصبحأمرًاصعبًا،خاصةبعدأنشاركفيأكثرمنمائةفيلم. ويعلق حسين على ذلك قائلًا: “إذا كنت سأختار دورًا جديد أؤديه، فيجب أن يكون حقًا جديدًا. إذا كان الدور مشابهًا لأي دور أديته من قبل، فلن يعجبني. وكلما ابتعد الدور عن شخصيتي، كلما كان ذلك أفضل، أمَّا إذا كان كثير الشبه بشخصيتي، فلِمَ أؤديه من الأساس؟“.
إذاتحدثتعنحسينفهميفيوطنهمصر،فستجدالجميعيعرفوناسمه. فبعد حوالي 60 عامًا في صناعة السينما، أصبح الممثل والمخرج يتصرف أمام الكاميرا بذات السهولة والأريحية اللتين يتصرف بهما الفرد في منزله. ومن ثم، قرر النجم الشهير –في وقت مبكر من حياته –استخدام هذه الخبرات والبراعة في سبيل الخير. ظل حسين فهمي سفيراً للأمم المتحدة للنوايا الحسنة لأكثر من عقد من الزمان، وهو الآن يفخر بكونه سفيرًا عالميًا للأولمبياد الخاص في الشرق الأوسط. يقول حسين فهمي ضاحكًا: “عندما أتحدث يستمع الناس إلي، ولكن عندما يتحدث مسؤول رسمي يبدو وكأنه يتحدث باسم الحكومة“.
ولايُعَدالعملالإنسانيهوفقطمايستخدمهحسينفهميكأداةلنشرأفكارهومعتقداته،فقدعاصرواختبر
العديدمنالقضاياعلىمرالسنين،إلىأنأتىوقتماقررفيهإدخالهذهالموضوعاتالشائكةفيمشروعاتهالمهنية. يقول حسين: “دائمًا ما أبحث عن موضوع مهم في الأفلام التي أشارك بها، موضوع يكون له علاقة بالمجتمع“ إن هدفه هو التواصل مع جمهوره من خلال مخاطبة الموضوعات التي تدخل السرور أو الحزن في قلوبهم. يستطرد حسين قائلًا: “دائمًا ما كنت أؤمن بأن الفن والثقافة والطريقة المستخدمة لمقاربتهما يمكن أن تساعدنا كثيرًا في استبعاد القوالب النمطية من أذهان الناس“. ومن خلال اختياراته في تصوير شخصيات وثقافات ودول متعددة ومختلفة في أفلامه، اتخذ حسين فهمي خيارًا واعيًا لفتح أذهان الجمهور على آفاق جديدة، على أمل أن يسهم ذلك في تقريب الناس من بعضهم البعض. ويقول حسين معلقًا على ذلك “إن الأفلام تنتقل حول العالم، ومن ثم يتعرَّف البشر على ثقافات أخرى، وهو ما يُعَد إحدى الطرق الفعالة لكسر جمود القوالب النمطية الضارة “. ويرى النجم السينمائي إن الفيلم لا يتعين عليه حل المشكلة، بل يكفيه فقط تصويرها وتوعية المشاهد بها، وهو ما يُعَد الخطوة الأولى لحل القضايا العالمية.
ولطالماكانحسينفهميمدفوعًاتجاهموضوعتمثيلالأشخاصمنذويالاحتياجاتالخاصة. يقول حسين معلقًا على ذلك: “لا أعتقد أن هناك أناس معاقين، بل أظن أن كل فرد يُعَد قادرًا على طريقته الخاصة“. وهذا الاعتقاد هو ما يعمل الممثل المصري على نشره ونقله من خلال عمله سفيًرا عالميًا للأولمبياد الخاص، حيث تحوَّل دمج ذوي الإعاقة بشكل أفضل في مجتمعاتنا إلى أولوية. يعلق حسين قائلًا: “هناك الكثيرين مِمَن يبدون أصحاء جسديًا –وهم كذلك –لكنهم أكثر إعاقة مِمَن يعانون فعليًا من الإعاقة، سواء الجسدية أو العقلية“. يوَّد حسين فهمي ألَّا يسمح للقوالب النمطية والأحكام المسبقة بأن تمنع الناس من العيش معًا في سلام.
ولا يجد حسين فهمي مفهوم التآزر في مصر –مسقط رأسه –فقط، بل يجده أيضًا في معظم دول حوض البحر المتوسط، وهو الإقليم الذي يعتز به، حيث يقول عنه: “إن إقليم البحر المتوسط جزء من مشاعري وعواطفي وثقافتي. ستجدون نفس الخصائص والسمات منتشرة في كل دولة من دول حوض البحر المتوسط“. ويرى حسين إن المناطق المتاخمة للبحر المتوسط لديها قواسم مشتركة مع بعضها البعض أكثر من القواسم التي تجمع كل منطقة منها مع باقي مناطق دولتها، ويدلل على ذلك قائلًا: “جنوب فرنسا يختلف عن شمال فرنسا، والوجه البحري في مصر يختلف عن الوجه القبلي… من الرائع أن يشعر المرء بأنه جزء من هذا الحوض، والذي يتميز بثقافة مختلفة لا يجدها المرء في أي مكان في العالم“